[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لم يكن ممكناً أن تنتهي قصة الحب العجيب عند الصليب، وإلا لكان الشر انتصر النصرة النهائية، وكنا نحن أتعس مخلوقات الله. لكن واحداً من أروع فصول الرواية جاء عقب الصلب والدفن، أعني به القيامة. لقد قام المسيح في الصبح المنير!
والقيامة ليست مجرد حادثة تاريخية، ولا حتى حتمية لاهوتية، بل هي حقيقة تعليمية لها أبعادها الروحية. إنها تعني أن الذبيحة قبلت، والكفارة تمت، ومشكلة الخطية سويت، وأننا تبررنا.
لقد كانت آخر كلمة في القسم السابق هي «من قرون بقر الوحش استجب لي». وبقر الوحش، أو ثور البراري، له قرون متشعبة. واعتاد الجلادون أن يقيدوا المذنبين بقرون تلك الوحوش، ثم يطلقونها لتركض بالضحايا جيئة وذهاباً، إلى أن يموتوا. ومن كان بوسعه أن ينقذ من يربط إلى قرون تلك الوحوش الهائجة؟ وهو تصوير لآخر مشوار الألم الرهيب الذي كان على المسيح أن يقاسيه؛ الموت، والهاوية التي صلى المسيح لإلهه في مكان آخر قائلا «لا تطبق الهاوية علىَّ فاها» (مز69: 15).
والقرون دلالة القوة. إذاً قرون بقر الوحش تمثل لنا قوة الموت وقسوة الهاوية، التي لا تدع الفريسة تفلت منها مطلقاً (نش8: 6). لكن نتيجة صلاة المسيح تداخلت قوة أعظم من قوة الموت؛ إنها عمل شدة قوة الله الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات (أف1: 19،20). لقد سُمِع للمسيح من أجل تقواه، وأنقذ من قرون بقر الوحش. لكن الإنقاذ لم يكن بإعفائه من الموت، بل بنصرته على الموت وذلك بقيامته من الأموات، بعد أن ذاق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد (عب5: 7، 2: 9).
بركات القيامة
عندما مضى المسيح إلى الصليب كان ذلك من أجل السرور الموضوع أمامه، ولأجل هذا السرور احتمل الصليب مستهيناً بالخزي (عب12: 2). وجزء هام من هذا السرور هو أن يرى نسلاً (إش53: 10). إنهم مفديوه المعبر عنهم بالكنز المخفي في حقل، الذين لأجلهم مضى وباع كل ما كان له لكي يقتنيهم (مت13: 44). لهذا فإننا نلاحظ اختلافاً واضحاً بين القسم الثاني من هذا المزمور (ع22-31) الذي نتأمله الآن، وبين القسم الأول الذي انتهينا من التأمل فيه. فبينما نراه في القسم الأول وحيداً أو محاطاً بالأشرار، فإننا لا نراه الآن وحيداً، بل محاطاً بالقديسين وهو في وسطهم.
وفي الرمز؛ في يوم الكفارة، كان يجب أن تخلى خيمة الاجتماع من كل إنسان ولا يكون هناك أحد سوى رئيس الكهنة فقط (لا16: 17). وهو نفس ما حدث في الجلجثة كما يذكر المسيح هنا (ع1،11،19). لكن بمجرد أن قام من الأموات يقول «أخبر باسمك اخوتي وفي وسط الجماعة أسـبحك».
لقد شرب – تبارك اسمه - الكأس وحده، لكننا الآن لن ننفصل عنه مطلقاً. فهو لا يقول "لقد صرخت، والآن جاء الدور لكي أسبح"، بل يقول «في وسط الجماعة أسبحك». فبعد أن سار وحده في طريق العدل وتمشى بمفرده في وسط سبل الحق، فها هو يورث محبيه رزقاً ويملأ خزائنهم (أم8: 20،21).
لكن ليس ذلك فقط، بل ما أكثر البركات المترتبة على قيامة المسيح. إن كل البركات والأمجاد التي نتمتع نحن بها من الآن، والتي ستتمتع بها كل الأرض عن قريب، إنما هي نتيجة هذا العمل الكفاري الذي أتمه المسيح وحده لما كان فوق الصليب.
وفي الأعداد التالية نرى أن لبركات القيامة دوائر ثلاث: فأولاً بعد القيامة مباشرة حضر المسيح إلى تلاميذه، إتماماً للآية 22، وكان هؤلاء هم نواة الكنيسة كما نستدل من عبرانيين2: 12.
وبعدها يذكر إسرائيل في الآيات من 23-26، وهذا أيضاً لابد أن يحدث في وقته المحدد بعد اختطاف الكنيسة.
ثم أخيراً في ع 27-29 لابد أن تصل البركة إلى كل الأرض، حيث تذكر كلمة "كل" 4 مرات، حيث يقول «تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض، وتسجد .. كل قبائل الأمم…سجد كل سميني الأرض.. يجثو كل من ينحدر إلى التراب». إذاً سيملك المسيح على كل الأرض بناء على موته على الصليب، والحمل الذي ذبح لابد أن يستلم صك ملكية العالم بأسره (رؤ5: 9). وعندئذ ستتم كلمات المسيح التي قالها بصدد الصليب «وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىَّ الجميع» (يو12: 32).
والآن هيا بنا إلى آيات هذا القسم نتأملها في نظرة عاجلة قبل أن نلجأ إلى المزيد من التفصيل.
«أخبر باسمك اخوتي. في وسط الجماعة أسبحك» (ع22).
والاسم كما نعرف هو كناية عن الشخص. والمسيح بتجسده أعلن الآب (يو1: 18)، أعلنه لكل من أراد هو أن يعلنه (مت11: 27)، أعلنه في كل حياته الفريدة (يو14: 9-11)، لكن بموته على الصليب أمكننا أن نعرف جوانب في الآب ما كان يمكن لنا أن نعرفها بدون الموت، والآن كالمقام من الأموات فإنه يعلنه لنا الإعلان الكامل. لكن ليس ذلك فقط بل ها هو كإمام المغنين الحقيقي يقود تسبيحاتنا لله، لا سيما عندما نجتمع إليه ككنيسة ويحضر هو بشخصه الكريم في الوسط (مت18: 20).
ولنا أن نتساءل: من غير ذاك الذي مضى لأجلنا واحتمل العار المذيب لأجل خلاصنا، نعم من سواه يستحق مكان الوسط في اجتماعاتنا. من هو ذلك الذي نجتمع إليه، ونبغي إكرامه وحده؟ أليس هو الذي جعله الله بالقيامة رباً ومسيحـاً؟!
«يا خائفي الرب سبحوه، مجدوه يا معشر ذرية يعقوب، واخشوه يا زرع إسرائيل جميعاً» (ع23).
تذكر هذه الآية ثلاث نتائج مباركة لعمل المسيح على الصليب وقيامته من بين الأموات: سبحوه ، مجدوه، واخشوه. فالمسيح المقام من الأموات والذي يقود التسبيحات، ها هو يحث المفديين ليقدموا التسبيح لله. وبذلك فهم يمجدون الله، لأن «ذابح الحمد يمجدني» (مز50: 23). لكن من الجانب الآخر لا يليق التسبيح إلا بالذين يخشون الرب؛ لا يخافون منه بل يخافونه «اهتفوا أيها الصديقون بالرب. بالمستقيمين يليق التسبيح» (مز33: 1).
«لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب وجهه عنه بل عند صراخه إليه استمع» (ع24).
سبب تسبيح المسيح، وتسبيحنا نحن، أن الله حجب وجهه مؤقتاً فقط عن المسيح. لو لم يكن الله قد استجاب له بالقيامة من الأموات ما كان لنا نحن أي أفراح أو تسبيح إلى أبد الآبدين. ومن الجانب الآخر عندما قام المسيح من الأموات فقد عرف المؤمن أن الذي قدر أن يحول أحزان المسيح الكثيفة وهو على الصليب إلى تلك الأفراح العظيمة بعد القيامة، لا يمكن أن تستعصي أمامه أية مشكلة مهما تعقدت، والذي أقام المسيح من قبر يوسف الرامي كيما يجلسه عن يمين العظمة في الأعالي،هو حقاً لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين.. بل عند صراخه إليه استمع.
«من قبلك تسبيحي في الجماعة العظيمة. أوفي نذوري قدام خائفيه. يأكل الودعاء ويشبعون، يسبح الرب طالبوه، تحيا قلوبكم إلى الأبد» (ع25، 26).
في هذه الأقوال نرى أن الله هو مصدر التسبيح كما أنه غرضه. وعندما يقول «من قبلك تسبيحي في الجماعة العظيمة» فإنه هنا لا يتحدث مثل ع 22 عن الكنيسة، فالكنيسة يقال عنها «قطيع صغير»، أما الجماعة العظيمة فهي شعوب المخلصين في الملك الألفي.
وعندما يتحدث الرب عن نذوره، فإن هذا يأخذ فكرنا إلى ذبيحة السلامة التي كانت تقدم وفاء لنذر. وفي ذبيحة السلامة كان مقدمها يدعو أصحابه ليشاركوه الشبع بتلك الذبيحة (لا7: 16،19). هكذا هنا فالمسيح يدعو ودعاء الأرض للأكل والشبع معه أمام الرب. إنهم أولئك الذين طوبهم في موعظته فوق الجبل (مت5: 5). وهؤلاء لن يأكلوا ويشبعوا فقط، بل سيسبحوا الرب، مقدمين الشكر لله الذي استجاب الدعاء. وعندما يقول يسبح الرب طالبوه فنحن نعرف أنه بالطبيعة «ليس من يطلب الله» (رو3: 11). لقد طلبنا هو أولاً فأمكننا نحن بعد ذلك أن نطلبه (لو19: 3،10). والأكل هنا لن يسبب نشاطاً وقوة للأبدان فحسب، بل حياة وبهجة وفرحاً للقلوب أيضاً.
«تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض وتسجد قدامك كل قبائل الأمم. لأن للرب الملك وهو المتسلط على الأمم. أكل وسجد كل سميني الأرض، قدامه يجثو كل من ينحدر إلى التراب ومن لم يحيي نفسه» (ع27، 28، 29)
هذه هي النتائج العالمية لعمل المسيح وموته على الصليب. يقول هنا «تذكر وترجع ... وتسجد». ما أجمل هذا: فهو ليس سجود الرعب والقسر، بل هو سجود مبني على التوبة والرجوع.
وذاك الذي في يوم اتضاعه كل الذين رأوه استهزأوا به لابد أن تسجد له كل قبائل الأمم. وهو ما يحدث عنه في العهد الجديد صراحة عندما يقول «لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (في 2: 9-11)
هذه نبوة عن الملك الألفي. فسيملك الرب حتماً، وسيتسلط على الأمم. وكما تمت حرفياً النبوات التي تتحدث عن اتضاعه وآلامه، هكذا سيكون الحال بالنسبة لرفعته وأمجاده.
«الذرية تتعبد له. يخبر عن الرب الجيل الآتي. يأتون ويخبرون ببره شعباً سيولد بأنه قد فعل» (ع30، 31).
وبهذه الأقوال العظيمة يختم المزمور، فهو إن كان قد بدأ بصرخة فردية (ع1،2)، لكنه يختم بسجود جماعي، وإن كان قد بدأ بالحديث عما فعله الرب مع الأجيال الماضية (ع4،5)، فإنه يختم بما سوف يعمل في الجيل الآتي.
على أساس بر الله وأمانته من جهة وعوده للآباء، سيرحم البقية في المستقبل الذين سيعرفون أن سر خلاصهم لا في أعمال بر عملوها هم، بل على أساس كفارته العجيبة التي هي موضوع هذا الأصحاح. هؤلاء هم الجيل الآتي؛ إنه الجيل الذي سيقطع الرب معه في العهد الجديد. أما الذرية فهم النسل الموعود بالبركة من هذا الشعب الأرضي، الذي هو «نسل باركه الرب» (إش61: 9). هؤلاء سيكون عملهم الأساسي وشغلهم الشاغل أن يدعوا باسم الرب.
لم يكن ممكناً أن تنتهي قصة الحب العجيب عند الصليب، وإلا لكان الشر انتصر النصرة النهائية، وكنا نحن أتعس مخلوقات الله. لكن واحداً من أروع فصول الرواية جاء عقب الصلب والدفن، أعني به القيامة. لقد قام المسيح في الصبح المنير!
والقيامة ليست مجرد حادثة تاريخية، ولا حتى حتمية لاهوتية، بل هي حقيقة تعليمية لها أبعادها الروحية. إنها تعني أن الذبيحة قبلت، والكفارة تمت، ومشكلة الخطية سويت، وأننا تبررنا.
لقد كانت آخر كلمة في القسم السابق هي «من قرون بقر الوحش استجب لي». وبقر الوحش، أو ثور البراري، له قرون متشعبة. واعتاد الجلادون أن يقيدوا المذنبين بقرون تلك الوحوش، ثم يطلقونها لتركض بالضحايا جيئة وذهاباً، إلى أن يموتوا. ومن كان بوسعه أن ينقذ من يربط إلى قرون تلك الوحوش الهائجة؟ وهو تصوير لآخر مشوار الألم الرهيب الذي كان على المسيح أن يقاسيه؛ الموت، والهاوية التي صلى المسيح لإلهه في مكان آخر قائلا «لا تطبق الهاوية علىَّ فاها» (مز69: 15).
والقرون دلالة القوة. إذاً قرون بقر الوحش تمثل لنا قوة الموت وقسوة الهاوية، التي لا تدع الفريسة تفلت منها مطلقاً (نش8: 6). لكن نتيجة صلاة المسيح تداخلت قوة أعظم من قوة الموت؛ إنها عمل شدة قوة الله الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات (أف1: 19،20). لقد سُمِع للمسيح من أجل تقواه، وأنقذ من قرون بقر الوحش. لكن الإنقاذ لم يكن بإعفائه من الموت، بل بنصرته على الموت وذلك بقيامته من الأموات، بعد أن ذاق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد (عب5: 7، 2: 9).
بركات القيامة
عندما مضى المسيح إلى الصليب كان ذلك من أجل السرور الموضوع أمامه، ولأجل هذا السرور احتمل الصليب مستهيناً بالخزي (عب12: 2). وجزء هام من هذا السرور هو أن يرى نسلاً (إش53: 10). إنهم مفديوه المعبر عنهم بالكنز المخفي في حقل، الذين لأجلهم مضى وباع كل ما كان له لكي يقتنيهم (مت13: 44). لهذا فإننا نلاحظ اختلافاً واضحاً بين القسم الثاني من هذا المزمور (ع22-31) الذي نتأمله الآن، وبين القسم الأول الذي انتهينا من التأمل فيه. فبينما نراه في القسم الأول وحيداً أو محاطاً بالأشرار، فإننا لا نراه الآن وحيداً، بل محاطاً بالقديسين وهو في وسطهم.
وفي الرمز؛ في يوم الكفارة، كان يجب أن تخلى خيمة الاجتماع من كل إنسان ولا يكون هناك أحد سوى رئيس الكهنة فقط (لا16: 17). وهو نفس ما حدث في الجلجثة كما يذكر المسيح هنا (ع1،11،19). لكن بمجرد أن قام من الأموات يقول «أخبر باسمك اخوتي وفي وسط الجماعة أسـبحك».
لقد شرب – تبارك اسمه - الكأس وحده، لكننا الآن لن ننفصل عنه مطلقاً. فهو لا يقول "لقد صرخت، والآن جاء الدور لكي أسبح"، بل يقول «في وسط الجماعة أسبحك». فبعد أن سار وحده في طريق العدل وتمشى بمفرده في وسط سبل الحق، فها هو يورث محبيه رزقاً ويملأ خزائنهم (أم8: 20،21).
لكن ليس ذلك فقط، بل ما أكثر البركات المترتبة على قيامة المسيح. إن كل البركات والأمجاد التي نتمتع نحن بها من الآن، والتي ستتمتع بها كل الأرض عن قريب، إنما هي نتيجة هذا العمل الكفاري الذي أتمه المسيح وحده لما كان فوق الصليب.
وفي الأعداد التالية نرى أن لبركات القيامة دوائر ثلاث: فأولاً بعد القيامة مباشرة حضر المسيح إلى تلاميذه، إتماماً للآية 22، وكان هؤلاء هم نواة الكنيسة كما نستدل من عبرانيين2: 12.
وبعدها يذكر إسرائيل في الآيات من 23-26، وهذا أيضاً لابد أن يحدث في وقته المحدد بعد اختطاف الكنيسة.
ثم أخيراً في ع 27-29 لابد أن تصل البركة إلى كل الأرض، حيث تذكر كلمة "كل" 4 مرات، حيث يقول «تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض، وتسجد .. كل قبائل الأمم…سجد كل سميني الأرض.. يجثو كل من ينحدر إلى التراب». إذاً سيملك المسيح على كل الأرض بناء على موته على الصليب، والحمل الذي ذبح لابد أن يستلم صك ملكية العالم بأسره (رؤ5: 9). وعندئذ ستتم كلمات المسيح التي قالها بصدد الصليب «وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىَّ الجميع» (يو12: 32).
والآن هيا بنا إلى آيات هذا القسم نتأملها في نظرة عاجلة قبل أن نلجأ إلى المزيد من التفصيل.
«أخبر باسمك اخوتي. في وسط الجماعة أسبحك» (ع22).
والاسم كما نعرف هو كناية عن الشخص. والمسيح بتجسده أعلن الآب (يو1: 18)، أعلنه لكل من أراد هو أن يعلنه (مت11: 27)، أعلنه في كل حياته الفريدة (يو14: 9-11)، لكن بموته على الصليب أمكننا أن نعرف جوانب في الآب ما كان يمكن لنا أن نعرفها بدون الموت، والآن كالمقام من الأموات فإنه يعلنه لنا الإعلان الكامل. لكن ليس ذلك فقط بل ها هو كإمام المغنين الحقيقي يقود تسبيحاتنا لله، لا سيما عندما نجتمع إليه ككنيسة ويحضر هو بشخصه الكريم في الوسط (مت18: 20).
ولنا أن نتساءل: من غير ذاك الذي مضى لأجلنا واحتمل العار المذيب لأجل خلاصنا، نعم من سواه يستحق مكان الوسط في اجتماعاتنا. من هو ذلك الذي نجتمع إليه، ونبغي إكرامه وحده؟ أليس هو الذي جعله الله بالقيامة رباً ومسيحـاً؟!
«يا خائفي الرب سبحوه، مجدوه يا معشر ذرية يعقوب، واخشوه يا زرع إسرائيل جميعاً» (ع23).
تذكر هذه الآية ثلاث نتائج مباركة لعمل المسيح على الصليب وقيامته من بين الأموات: سبحوه ، مجدوه، واخشوه. فالمسيح المقام من الأموات والذي يقود التسبيحات، ها هو يحث المفديين ليقدموا التسبيح لله. وبذلك فهم يمجدون الله، لأن «ذابح الحمد يمجدني» (مز50: 23). لكن من الجانب الآخر لا يليق التسبيح إلا بالذين يخشون الرب؛ لا يخافون منه بل يخافونه «اهتفوا أيها الصديقون بالرب. بالمستقيمين يليق التسبيح» (مز33: 1).
«لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب وجهه عنه بل عند صراخه إليه استمع» (ع24).
سبب تسبيح المسيح، وتسبيحنا نحن، أن الله حجب وجهه مؤقتاً فقط عن المسيح. لو لم يكن الله قد استجاب له بالقيامة من الأموات ما كان لنا نحن أي أفراح أو تسبيح إلى أبد الآبدين. ومن الجانب الآخر عندما قام المسيح من الأموات فقد عرف المؤمن أن الذي قدر أن يحول أحزان المسيح الكثيفة وهو على الصليب إلى تلك الأفراح العظيمة بعد القيامة، لا يمكن أن تستعصي أمامه أية مشكلة مهما تعقدت، والذي أقام المسيح من قبر يوسف الرامي كيما يجلسه عن يمين العظمة في الأعالي،هو حقاً لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين.. بل عند صراخه إليه استمع.
«من قبلك تسبيحي في الجماعة العظيمة. أوفي نذوري قدام خائفيه. يأكل الودعاء ويشبعون، يسبح الرب طالبوه، تحيا قلوبكم إلى الأبد» (ع25، 26).
في هذه الأقوال نرى أن الله هو مصدر التسبيح كما أنه غرضه. وعندما يقول «من قبلك تسبيحي في الجماعة العظيمة» فإنه هنا لا يتحدث مثل ع 22 عن الكنيسة، فالكنيسة يقال عنها «قطيع صغير»، أما الجماعة العظيمة فهي شعوب المخلصين في الملك الألفي.
وعندما يتحدث الرب عن نذوره، فإن هذا يأخذ فكرنا إلى ذبيحة السلامة التي كانت تقدم وفاء لنذر. وفي ذبيحة السلامة كان مقدمها يدعو أصحابه ليشاركوه الشبع بتلك الذبيحة (لا7: 16،19). هكذا هنا فالمسيح يدعو ودعاء الأرض للأكل والشبع معه أمام الرب. إنهم أولئك الذين طوبهم في موعظته فوق الجبل (مت5: 5). وهؤلاء لن يأكلوا ويشبعوا فقط، بل سيسبحوا الرب، مقدمين الشكر لله الذي استجاب الدعاء. وعندما يقول يسبح الرب طالبوه فنحن نعرف أنه بالطبيعة «ليس من يطلب الله» (رو3: 11). لقد طلبنا هو أولاً فأمكننا نحن بعد ذلك أن نطلبه (لو19: 3،10). والأكل هنا لن يسبب نشاطاً وقوة للأبدان فحسب، بل حياة وبهجة وفرحاً للقلوب أيضاً.
«تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض وتسجد قدامك كل قبائل الأمم. لأن للرب الملك وهو المتسلط على الأمم. أكل وسجد كل سميني الأرض، قدامه يجثو كل من ينحدر إلى التراب ومن لم يحيي نفسه» (ع27، 28، 29)
هذه هي النتائج العالمية لعمل المسيح وموته على الصليب. يقول هنا «تذكر وترجع ... وتسجد». ما أجمل هذا: فهو ليس سجود الرعب والقسر، بل هو سجود مبني على التوبة والرجوع.
وذاك الذي في يوم اتضاعه كل الذين رأوه استهزأوا به لابد أن تسجد له كل قبائل الأمم. وهو ما يحدث عنه في العهد الجديد صراحة عندما يقول «لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (في 2: 9-11)
هذه نبوة عن الملك الألفي. فسيملك الرب حتماً، وسيتسلط على الأمم. وكما تمت حرفياً النبوات التي تتحدث عن اتضاعه وآلامه، هكذا سيكون الحال بالنسبة لرفعته وأمجاده.
«الذرية تتعبد له. يخبر عن الرب الجيل الآتي. يأتون ويخبرون ببره شعباً سيولد بأنه قد فعل» (ع30، 31).
وبهذه الأقوال العظيمة يختم المزمور، فهو إن كان قد بدأ بصرخة فردية (ع1،2)، لكنه يختم بسجود جماعي، وإن كان قد بدأ بالحديث عما فعله الرب مع الأجيال الماضية (ع4،5)، فإنه يختم بما سوف يعمل في الجيل الآتي.
على أساس بر الله وأمانته من جهة وعوده للآباء، سيرحم البقية في المستقبل الذين سيعرفون أن سر خلاصهم لا في أعمال بر عملوها هم، بل على أساس كفارته العجيبة التي هي موضوع هذا الأصحاح. هؤلاء هم الجيل الآتي؛ إنه الجيل الذي سيقطع الرب معه في العهد الجديد. أما الذرية فهم النسل الموعود بالبركة من هذا الشعب الأرضي، الذي هو «نسل باركه الرب» (إش61: 9). هؤلاء سيكون عملهم الأساسي وشغلهم الشاغل أن يدعوا باسم الرب.
الخميس مايو 08, 2014 5:59 pm من طرف القرينى
» لعبة الترانيم
الخميس يناير 13, 2011 3:48 am من طرف Bello Fiore
» اخر اكله للى بعدك
الأحد أكتوبر 24, 2010 11:24 am من طرف تامر ابن البابا
» اهلا بكم كل واحد يدخل يعرفنا بيه باسمه الحقيقي
الأحد أكتوبر 24, 2010 11:18 am من طرف تامر ابن البابا
» توقع اللى بعدك والد وله بنت
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:47 pm من طرف سالي
» لعبة المحلات
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:44 pm من طرف سالي
» يقربلك ايه الاسم ده
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:42 pm من طرف سالي
» كله يكتب جنسيته
الأحد أكتوبر 03, 2010 6:51 am من طرف سالي
» تدريبات على الهدوء =لقداسة البابا شنودة الثالث
الأحد أغسطس 22, 2010 8:37 am من طرف Bello Fiore